تمّ رفع لافتات في مدينة الكاظمية في وقت سابق من هذا الأسبوع تشيد بقرار للحكومة يمنع “السافرات والمتبرجات وكذلك الرجال الذين لم يلتزموا بمظهرهم الخارجي (من قصات الشعر والملابس) من دخول المدينة” وتضيف اللافتة عبارة “من لم يلتزم بهذا القرار فسوف يحاسب حساب قانوني” ووُقعت بعبارة “أهالي الكاظمية المقدسة”. أثارت هذه اللافتات موجة من السخط والتساؤلات والمخاوف الجدية بين أهالي بغداد. إن رفع لافتات بمدينة تجارية مثل الكاظمية، يقطنها ويرتادها للتسوق وللعمل سكان متنوعون من مختلف فئات المجتمع، تُحذر فيها وتمنع فيها النساء السافرات اللواتي يعشن أو يعملن أو يتسوقن في المدينة من الدخول إليها بشرط الإذعان لتقاليد الجماعات الدينية الحاكمة وفرض قوانينها بالقوة والإذلال، هو دليل على مساعي قوى السلطة لفرض أيدلوجيتها وتقاليدها الخاصة عنوة على المجتمع وانتهاك الحريات الفردية والمدنية والتدخل في أخص خصوصيات الأفراد وخياراتهم.
تطال هذه الحملات المرأة وكرامتها وحقوقها في خياراتها الشخصية وتضع مكانتها الاجتماعية والحقوقية موضع التساؤل وتحيلها إلى مواطن من الدرجة الثانية ينوء تحت وطأة الاضطهاد ووصاية التقاليد الذكورية والاستبداد وتجرده من الحماية القانونية. إن اختيار الملبس وطبيعته هو أمر شخصي من الحقوق الفردية بالنسبة للسكان رجالاً ونساءاً ويجب عدم التدخل به. وإن تعميم الإجراءات المتبعة في المساجد ودور العبادة الدينية على شوارع المدينة والأسواق وطرقاتها يعدّ تجاوزاَ على الحريات وانتهاكاً للحقوق ومسعى لإحكام ديكتاتورية سلطة التيارات الإسلامية الشيعية ورجال الدين على حياة المجتمع ومقدراته وحريته ومصادرتها.
ففي الوقت الذي تعاني فيه غالبية المجتمع العراقي من سوء الخدمات وانعدام بعضها وغياب الأمان وانتشار آفة الفساد الذي تقوده وتديره بشكل منظم القوى الحاكمة والمتنفذة، نرى نفس هذه القوى والأطراف في الحكومة المركزية والمحلية والمسؤولة عن هذه الأوضاع الوخيمة تسعى لإبعاد الأنظار عن إخفاقها وسوء إدارتها ورعايتها للفساد بافتعال أزمات بين الحين والآخر وشنّ مختلف الهجمات على النساء والشباب وتقييد حرياتهم وفرض تقاليد فئة معينة على كافة أفراد المجتمع بدلاً من الإجابة على تلك المعضلات وتحمل مسؤولياتها تجاه المجتمع.
تدين منظمة حرية المرأة هذه القرارات الحكومية والتحريض الذي يصاحبها وتحمّل الحكومة مسؤولية أية نتائج لتحريضها ضد النساء وبقية فئات المجتمع. على الحكومة تحمل مسؤولياتها بتوفير الحماية للجميع دون تمييز. كذلك تدعو المنظمة كافة القوى والأطراف المدافعة عن المدنية والمساواة في المجتمع وسلامته للوقوف بوجه هذه القرارات والإجراءات الرجعية من أجل إحباطها.
لتعش نساء وسكان بغداد وكافة أنحاء العراق
في ظل الحرية والمساواة للجميع!
منظمة حرية المرأة في العراق
1/ 9/2012