للتقديم الى مجلس الوزراء لتبنّيه وتكليف الوزارات المعنية
مشروع حماية المراة من عنف الاتّجار والاستغلال في العراق
30-1- 2016
تمهيد:
قامت المنظمات النسوية خلال اكثر من عقد من الزمن بحماية المرأة العراقية من عنف الاتجار والاستغلال الجسدي، وذلك من خلال مهام الايواء والدعم المادي والنفسي والمعنوي، وخلقت بذلك نموذجا متكاملاً يمكن اتباعه وتطويره. وكان اصرار المنظمات النسوية على حق المرأة بالحماية والكرامة هو الدافع الذي جعل هذا المشروع حقيقةً. وقمنا بذلك باقل الامكانيات المالية التي قمنا بتأمينها من مانحين ومتبرعين، بذلنا جهودنا خلال السنوات العشرة الاخيرة، وعرّضنا انفسنا للخطر والتهديد على يد ذكوريّي المجتمع خلال اكثر من عقد من الزمن. ونجحنا بذلك بالرغم من اعدادنا المحدودة وعدم دعم الدولة لعملنا باي شكل من الاشكال. وكانت النتائج المباشرة هي سلامة وكرامة مئات من النساء من اللواتي توفرت لهن فرصةٌ بحياة ملؤها الكرامة والسلامة والاحترام.
نرى في شبكة مكافحة الاتّجار بالمرأة في العراق ان مهمة حماية المرأة وتمكينها على صعيد العراق هو واجب ومسؤولية الدولة، التي لا يحق لها ان تتنصل منها وان تستمر برمي المسؤولية على عاتقنا ودون توفير اي دعم او تعاون. ولذا فاننا نقوم بطرح التالي:
حيث ان النزاع الطائفي سبّب التهجير المليوني للمرأة وتركها مشرّدة دون مأوى وعُرضةً للاستغلال الجسدي والجوع،
حيث ان الاختلافات السياسية والطائفية أدت الى خلق كيان داعش الوحشي مما عرض الآلاف من النساء للاتّجار والعنف الجنسي في مناطق نفوذهم وخاصة من اخواتنا اليزيديات،
حيث ان غزوات وانتهاكات داعش الوحشي تركت الآلاف من النساء حواملَ و”زوجات” وامهات لأطفال دون آباء مما ترك شريحة واسعة من النساء عرضة للتصفيات العشائرية في مدن الغربية المحررة من داعش،
حيث ان مدن الوسط والجنوب تعاني من فقر مدقع لشرائح كبيرة من المجتمع مما جعل النساء والامهات عرضة للاتّجار ولسحق انسانيتهن دون شملهن ضمن اية برامج رعاية اجتماعية،
حيث ان القوانين معظمها كتبت لتكريس دونية المرأة وتبعيتها للرجل يُضاف اليها الاعراف الاجتماعية العشائرية التي تتعامل مع المرأة كمادة للتداول والفصل ودون اي اعتراض من الدولة،
تتعرض المرأة العراقية الى كافة انواع العنف الجسدي والنفسي والقانوني، مما يجعلها تعيش ارهابا وبمرأى ومسمع من المجتمع والدولة، ودون تحريك اي ساكن تجاه تغيير هذه الاوضاع الكارثية. ولذا نرى في شبكة مكافحة الاتّجار بالمرأة انه آن الأوان على الدولة ان تكون مسؤولة عن أمن وسلامة وكرامة المرأة التي كانت الضحية الأولى لأوضاع النزاع الطائفي والمذهبي. ويكفي اهمالاٍ لمسؤولياتها بإلقائها على عاتق المنظمات النسوية والانسانية. ننتهز هذه الفرصة بوضع مشروع كفيل بتغيير اوضاع المرأة العراقية التي حولتها الظرف السياسية الى ضحية ينهش ويقتص منها اعداء المرأة.
ندعو اطراف الدولة ان تهب المرأة حقها من موارد الدولة لحمايتها عن طريق هذا المشروع، وبدعم واشراف من شبكة مكافحة الاتجار بالمرأة. وان لم يكن ممكنا تبني هذه المسؤولية، فلتعترف بنا شريكا اساسياً يقوم بواجباتها تجاه المواطن-المرأة، ويوفّر لنا التسهيلات القانونية والحماية الأمنية لتنفيذ هذا المشروع.
خلاصة:
يتم تقديم المشروع لمكتب رئاسة الوزراء لغرض قيامهم بمسؤولياتهم تجاه حماية المرأة وحمايتها من نتائج الصراع السياسي والطائفي الذي تسببت به والمآسي التي آلت على نساء العراق بسبب سوء ادارة اوضاع المجتمع العراقي.
الهدف من المشروع:
حماية المراة العراقية وتعويضها عما فقدته بسبب الاوضاع الكارثية التي فُرضت عليها بسبب سياسة تقسيم المجتمع وزجه بالحروب واغراقه بانواع التعصّب الطائفي والمذهبي والقومي. ويتخذ تعويضها الاشكال التالية:
ويتضمن المحاور التالية:
المحور الاجرائي:
يتضمن تبني الدولة لدور الايواء والتي تتم فيها حماية النساء من الاتجار والعنف الجنسي والتصفية العشائرية، مع التركيز على:
اشراف ومتابعة المنظمات النسوية:
يتم تخويل المنظمات النسوية ذات العضوية في الشبكة بالاشراف على تأسيس هذه الدور، وتدريب الكادر المكلّف برعاية النساء اللاجئات الى هذه الدور. وتُعطى المنظمات النسوية حق الاعتراض على الاجراءات المتّبعة في هذه الدور خلال لقاءات دورية مع الجهة الحكومية المسؤولة عن هذه الدور.
وان لم يكن تبنّي الدولة كاملاً لهذا المشروع، قد تقتصر المرحلة الأولى توفيرهم التسهيلات القانونية والتشريع لدور الايواء الخاصة-غير الحكومية والتي تديرها منظمات نسوية. كما ويجب توفير الدعم المالي لها بما يتناسب مع العيش اللائق للمقيمات في هذه الدور.
المحور القانوني / التشريعي:
يتطلب هذا المحور امكانيات عالية تستطيع تحقيقها مؤسسات الدولة، ولكن بتوجيه من المنظمات النسوية التي لا تسمح لها امكانياتها المحدودة تحقيق التغييرات المبتغاة وعلى صعيد العراق ككل. يسعى هذا المحور تحقيق بعضاً من اهداف المشروع المذكورة اعلاه:
الحماية
– تشريع قانونية دور الايواء التابعة للمنظمات النسوية
– ضمان حق حصول كل امرأة في العراق على اوراق ثبوتية لها ولاطفالها مما يسمح لها بامكانيات التمتع بحقوقها كمواطنة من حق الصحة والتعليم، وعدم ترك مصائر النساء معلّقة بايدي مؤسسات وقضاة لا يكترثن بسلامتهن. ان الفراغ التشريعي في هذا المجال جعل عشرات الآلاف من النساء “اشخاصاً دون دولة/وطن” stateless persons وترك مصائرهن في مهب الريح.
– إلغاء فقرات القوانين التي تسمح بقتل النساء “غسلا للعار” او تحت مسميات اخرى، والتشريع لتجريم قتل النساء وضربها مما لا يتناسب مع انسانيتها ومع تطوّر الأزمنة وحقوق الانسان -المرأة، اذ آن الاوان لرفض ممارسات القرون المظلمة. هذه القوانين بيدها اما ان تسمح او ان تحدّ من التصفيات العشائرية بالضد من النساء المنتهكات في المدن المحرّرة من داعش. وتتطلب القوانين هذه متابعة من النظام القضائي والمؤسسات الأمنية.
الدعم المادي
– الضمان الاجتماعي/ راتب للمرأة النازحة الفاقدة للزوج او المعيل: تتعرض مئات الآلاف من النساء النازحات لمحاولات استغلالهن في علاقات تمس بانسانيتهن. وتقع العديد منهن ضحايا للاستغلال لغرض اطعام اطفالها دون وجود اي مورد مادي.
– الضمان الاجتماعي للنساء المعنّفات ولفترة انتقالية والى ان يتم تدريبها وتأهيلها لمهنة او عمل.
الدعم النفسي والمعنوي
– ضمان حق النساء بدعم مالي ومعنوي لغرض عودتهن الى مناطقهن في المدن المحررة من قبل لجان تخصصها وزارة الهجرة لغرض اعانتهن في التغلب على مصاعب استمرار عيشهن في مناطق مخرّبة، او محتكرة عشائريا مما يتطلب دعما قانونيا بالضد من الاجراءات العشائرية (دفع دية مقابل رجوعهم لاراضيهن).
– تفعيل قانون 28 لمكافحة الاتجار بالبشر وتطبيقه عوضا عن قانون مجلس قيادة الثورة في التعامل مع ضحايا الاتجار، وباساليب لا تليق بالتزام الدولة العراقية بالقوانين الدولية لحقوق الانسان .
التمكين
– تشريع لمسؤولية الدولة لبرامج تأهيل حرفي او تعليمي لغرض تمكين النساء والفتيات المعنفات والمهجّرات من الحصول على عمل.
المحور الأمني:
يتضمن توفير الحماية الأمنية لدور الايواء، وللمرأة من القتل العشائري، وكذلك للمنظمات النسوية التي قد تكون هدفا للمتطرفين ممن يريدون ابقاء وادامة دونية المرأة والاتجار بها.
يجب زج الشرطة المجتمعية بكل مرافق المشروع وبشكل يتوافق مع تمكين المرأة باساليب حديثة وانسانية.
المحور المالي:
تم صرف مليارات الدولارات من موارد المجتمع خلال العقد الاخير على مشاريع فاشلة وعلى حملات سياسية أدت الى كوارث اجتماعية. ومن الجدير باي جهة ترى نفسها مسؤولةً عن المجتمع ان تخصص جزءاً من موارد الدولة لشريحة تمثل نصف المجتمع وتستحق نصف موارده.
تكون الخطوة الأولى بتخصيص مبلغ حكومي يتناسب مع حجم المشروع، وتتم المفاوضات حول تنفيذ المنظمات النسوية للجانب الاجرائي بمعظمه.
فقرة استنتاج
تقف شبكة مكافحة الاتجار بالمرأة وتمثل تسعاً وثلاثين منظمة من عموم مدن العراق متفّقة على اسباب تردي اوضاع المرأة، كما وتتفق على عدم امكانية تأخير مسؤولية الدولة عن توفير ما بشأنه ان يحفظ سلامة وكرامة المرأة في العراق.
ومن هنا نسجل دعوة جادة لمجلس الوزراء بان يتبنى هذا المشروع، وفي خلافه يعترف بعدم امكانيته ومسؤوليته عن مواطنيه-اته، وعندها يعترف بشبكة مكافحة الاتجار بالمرأة شريكا اساسيا ويوّفر له التسهيلات القانونية والأمنية والمالية مما يحدو بنا ان نستمر بنضالنا من اجل الدفاع عن سلامة وأمان وكرامة المرأة العراقية، كما عهدنا في العقد الماضي.
—————————————————————————————
تم اعداد مقترح المشروع من قبل منظمة حرية المرأة في العراق لغرض المصادقة عليه من قبل شبكة مكافحة الاتجار بالمرأة يوم 30-1-2016.