نداء الى نساء العراق

ان مدنية المجتمع مقترنة بتحرر المرأة وحضورها: انقضت 5 سنوات على احتلال نال من مدنية المجتمع، بنى معسكراته داخل مدننا المدمرة، ترك خلفه وحوله آلاف الجثث، مهد الارضية لاقتتال طائفي طاحن، وكان سببا لترك عشرات آلاف النساء ضحايا للاختطاف والاتجار الى سوق الرق الابيض الذي يستغل النساء جنسياً داخل وخارج العراق.ولم يكتفِ الاحتلال بذلك، بل وأشرف على كتابة قوانين حرمان المرأة من استقلاليتها وتحويلها الى تابع لنظام عشائري ذكوري، وعلى كتابة قانون نهب الثروات النفطية التي لم تكن ملكاً للمواطنة او المواطن في اي يوم من تاريخنا الحديث. كما وكرس الاحتلال سياسة الصراع القومي الطائفي الذي تحول الى كيانات وميليشيات تتحاصص وتتقاتل وعلى صعيد يومي.

بالرغم من الادعاءات السابقة والحالية بالديمقراطية، تواجه النساء اشد العهود ارهاباً وقمعا في تأريخها الحديث؛ اذ تخاف نساء البصرة الآن من التجول في الشوارع التي تجوبها قتلة “النهي عن المنكر”، ولا تزال اعداد النساء المقتولات غسلاً للعار في كردستان والتي يتبجحون بأمانها نفس اعدادها السابقة ودون ان يمثل ذلك اي قلق لسلطاتها العشائرية المنشأ والممارسة.

 

اما بغداد، فقد استشرى فيها طاعون تجارة الرق الابيض بنسب غير مسبوقة، وذلك بعد الافقار المتعمد لجماهير لا يصلها من الواردات والثروات أي شيئ، وخاصة النساء اللواتي فقدن معيلهن الوحيد خلال الحرب الطائفية ولم تسنح لهن فرصة عمل وفرضت عليهن اوضاع تمتهن انسانيتهن وانسانية اطفالهن.

اختفت النساء من معظم الميادين الاجتماعية، وفيما لو حضرت تختبئ خلف طبقات من ألبسة خانقة. ولم يكن سبب اختفائها يقتصر على ارهاب الاحتلال وارهاب مايسمى بالمقاومة، بل ويكون تجنباً لسطو ايديولوجية معادية للمرأة وسيطرتها على السلطة ومرافقها وعلى العديد من مرافق الاعلام والمؤسسات الحكومية.

ان يوم الثامن من مارس يشكل رمزاَ لنضالات المرأة لتحسين اوضاعها في العمل والاعتراض بالضد من استغلال الرأسمالية. ونحتفل في هذه السنة بالذكرى المئوية لهذه النضالات والتي بدأت منذ اضراب 15,000عاملة نسيج في نيويورك عام 1908 وبالضد من اصحاب المعامل من الرأسماليين الذين كانوا يسحقون النساء العاملات في مبانٍ لا توفر ظروف عمل مقبولة مما أدى لاحقاً وفي 1911 الى موت 140 عاملة حرقا في معامل كانت مصممة للربح فقط وليس للحفاظ على حياة العاملات. ومنذ ذلك اليوم، اقترن هذا اليوم بالحركات الاشتراكية واليسارية والتحررية.

بعد مائة عام، تنهش الرأسمالية الامريكية وترساتنتها العسكرية في جسد المجتمع العراقي وتترك آثاراً مدمرة على اوضاع النساء. تفتح الابواب لفرض الدين على الدولة عازلة العراق عن ركب التحضر في العالم المتقدم والذي فصل الدين عن الدولة في القرن الماضي وبعد نزاعات دامية ونضالات لعقود كثيرة. وبذا يفتتح لنا الاحتلال عهدا موازيا للعصور المظلمة في اوروبا قبل قرون عديدة حيث أدت سيطرة الكنيسة على المجتمع الى قتل العلماء والنساء واتباع الطوائف الاخرى باعداد مليونية وبتهمة الشعوذة والسحر والهرطقة.

ان المأزق التأريخي الذي تجد المرأة نفسها به، من تحقير وتهميش واقصاء من الساحات العامة للمجتمع، يشكل سببا اقوى من اي زمن سابق للنساء لتصعيد نضالاتها وتنظيم الاحتجاج والنضال للحصول على مواقع متقدمة في المجتمع.

ليكن الثامن من مارس يوم اطلاق صرخة بوجه الاحتلال وبوجه اذنابه الذين يسعون لتنظيم سحق النساء في قوانين وممارسات قمعية وسياسية.

لن تسمح نساء العراق للسلطات بتنفيذ اي من الاحكام التي تدفع المرأة الى الصفوف الخلفية وتوجه لها الاهانة اليومية بمراقبة ملبسها ومأكلها ومشربها. كما ولن نقبل استمرار طاعون تجارة الرق باجساد النساء والذي تسكت عنه السلطات وتتجاهل وجوده بتصريحات مزيفة، بل وتقوم بالتغطية على قتل النساء المستمر بعدم التعرض الى قتلتهم المعروفين.

ان مدنية المجتمع مقترنة بتحرر المرأة وحضورها، الا ان هذا الحضور يتطلب نضالاً شديداً من قبل النساء من اجل فرض دستور علماني ومساواتي.

 

لا للاحتلال
لا لاضطهاد النساء
عاش الثامن من آذار … عاشت الحرية والمساواة

 

ينار محمد
رئيسة منظمة حرية المرأة

‏04‏.03‏.2008

Permanent link to this article: http://www.owfi.info/AR/?p=149