استنكار مقتل ستة شابات في الدار الحكومية لتأهيل الاحداث الإناث في الاعظمية

تعرّض دار تأهيل الاحداث الاناث في الاعظمية – بغداد الى حريق أدى الى مقتل 6 شابات وحرق واختناق باقي الشابات المقيمات في الدار الحكومية، بعد ما تبين ان 7 شابات كانت لهن شكوى بالضد من الادارة مما لم يتم النظر فيه بشكل مناسب او كافٍ. واعلنت جهات رسمية بان الشابات السبعة قمن بحرق انفسهن بما هو اشبه بالانتحار الجماعي اعتراضا على ادارة الدار الحكومي، ووصلنا ان اجساد الشابات الباقيات التي لم تحترق مليئة يآثار ضرب مبرّح. وتسرّب ان هذه الشابات كانت قد طلبت من ادارة الدار ان يرجعوهن الى السجن الذي كان ارحم معهن من دار الايواء الحكومية هذي. ومن المعروف ان دار الايواء هذه مخصصة للاحداث الاناث اللواتي انتهت محكوميتهن وليس لديهن عائلة او معيل بالاضافة الى حالات المتشردات الفاقدات للعائلة حيث يتم ايواءهن من سن السادسة ولغاية الثانية والعشرين، كما وان تصنيف الفتيات في الدار الى مشردات و”منحرفات” وسجنهن في الدار دون اية امكانية لزيارة العالم الخارجي، كل ذلك من مواصفات دور ايواء لا تمت بصلة للعالم العصري الذي يعترف بحقوق الانسان. وقد صرحّت مصادر حكومية بان الدلائل تشير الى ان الشابات السبعة قد مارست الانتحار الجماعي ولم تنجو سوى واحدة.

ان لجوء الانسان الى الانتحار عادةً ما يكون بعد اليأس من معاملة سيئة تسحق انسانية الفرد وتجعله يفقد الأمل بامكانية الحصول على حياة مقبولة او تحسّن الاوضاع اواحترام لانسانية الفرد؛ وعادةً ما يكون الانتحار آخر صرخة اعتراض ليأس ما بعده من يأس. أما ان يكون الانتحار جماعياً تم الاتفاق عليه من قبل سبعة شابات من عمر الورود؛ فان هذا لا يحتمل الا تفسيراً واحداً؛ الا وهو ان هذه الشابات قد تعرضت للتعذيب النفسي والجسدي والمعنوي مما لا يحتمله انسان، وان هذا التجاوز والاستغلال كان بشكل ممنهج لا خلاص منه.

نحن في منظمة حرية المرأة في العراق لدينا من التجارب في رعاية ما يزيد عن ثمانمئة من الشابات الهاربات من التعنيف والتهديد بالقتل ومن الاستغلال، مما جعل دور ايوائنا بمثابة واحات للسلام والأمان والتمكين النسوي. وقد سبق ان آوينا شابات بعد تركها لدار الايواء الحكومية هذه، وسبق ايضا ان تابعنا فضائح هذا الدار الحكومية في السنوات السابقة. وللعلم اننا لم نفقد اية شابة من اماكننا او دورنا الا في حالتين فقط عندما هاجمتنا مجموعة مسلحة من مؤسسات امنية حكومية تتصرف بشكل ميليشياتي ولا تكترث لمذكرات التفتيش او لامر القاضي، وخطفوا منا شاباتين خلال السنوات الماضية وارجعوهن الى العوائل التي عنفتهن؛ وقد قدمنا شكوانا الى الامم المتحدة وننتظر نتيجة التحقيق. ونحن وبالرد على جريمة حرق الشابات في دار التأهيل للاحداث الاناث نطالب مؤسسات الدولة المختصة بما يلي ومن دون اي تأخير:

أولاً: اعلان نتائج التحقيق للرأي العام ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة واعلان خلفية دفع الشابات الى اليأس من حياتهن، والاعتراف باخفاق الدولة وتعويض الشابات اللواتي تعرضن لرعب الحريق ولأنواع اخرى من الارهاب والتعذيب النفسي او في هذه الدار.

ثانياً: غلق دور الايواء الحكومية وتكليف المهمة لمن هن قادرات عليها، وبشكل مسؤول ومن دون خلق العقبات لهن او ارهابهن بذكورية عسكرية مقيتة كالهجمات التي شنتها ميليشيات الأمن الوطني والاستخبارات على مكتبنا واماكننا.

ثالثاً: تصحيح مسودة قانون الحماية من العنف الاسري واستبدال فقرة دور الايواء الحكومية بدور ايواء عائدة للمنظمات النسوية المختصة مع توفير الدعم المالي لهذه المهمة من دون وصاية حكومية تحوّل هذه الدور الى اماكن للفساد وللتعذيب النفسي والاستغلال الجنسي للشابات.

هذا وندعو المنظمات النسوية والانسانية ان ينضموا لنا في رفع دعوى بالضد من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في الدفاع عن الشابات اللواتي دفعوهن لحالة الانتحار الجماعي. ولن يهنأ لنا بالً قبل التقصي ومعرفة كل خلفيات هذا الحادث، ولن نرضى بالتكتم العالي الذي مارسته الوزارة بمنع زياراتنا الى الدار او بمقابلة الشابة الناجية من الحرق، والتي حاولنا ان نصل الى تفاصيل الموضوع منها.

ان نظرة الدولة العراقية الى المرأة بمثابة ملكية خاصة للرجل والعائلة والعشيرة تجعلالدولة تحترم المرأة فقط اذا كان هناك ذكر يدافع عنها وعن احترامها. ولكن المرأة التي تُركت وحيدة ومشرّدة ومستضعَفة لا تشكّل اية اهمية للدولة ولمؤسساتها او لقانونها، اذ لن يُداعِ بها اي ذكر أب او زوج او ما شاكل … وهي هذه الدولة الذكورية التي لا تكترث لحياة الانثى ولإنسانيتها او أمانها إلا اذا كانت هناك عشيرة ورجال يدافعون عن هذه المرأة. وهي هذه الدولة التي لا تعترف بالمرأة كمواطن عليها حمايته-ها.

وهكذا قامت دور الدولة لايواء المراة باهمال نساء شابات، بل وباستغلالهن وايذائهن مما دفع بهن الى الانتحار الجماعي. كل هذه ومن دون ان يعني الدولة الذكورية باي شيء، كما يتضح في تصريح لمسؤول حكومي يحاول رمي اللوم على الشابات انفسهن وان يتعلل بوجود امراض نفسية لديهن. يا تُرى، ان تعرّض هذا المسؤول الى الاغتصاب والضرب والاهانة الممنهجة، الن تكون لديه امراض نفسية؟

عارٌ على مؤسسات الدولة الذكورية تعريض نساء العراق للعنف المستمر

عارٌ على المؤسسات القضائية والامنية التي تفرض التعنيف الاسري على المرأة وعلى منظمات المراة عوضا عن حمايتها وحمايتهن

لن تدوم مقاليد الأمور بيد اشد عناصر المجتمع تخلفاً واكثرها فساداً ممن شرّعوا لامتهان المرأة وتعنيفها

عاشت المرأة حرةً أبيّة على الرغم من وحشية الاحزاب الذكورية والاستبدادية الحاكمة

عاشت المساواة التامة بين المرأة والرجل

منــــــظمة حـــرية المـــرأة فــي العــــراق

6 كانون الأول – 2019

Permanent link to this article: https://www.owfi.info/AR/?p=362